رمضان يا زين الشهور، وخيرَها وأميرَها في دولة الأزمان
أيامك الغُرُّ الوضاء قصيدة نظمت معاني الحُسن في الأكوان
ضُمِّنت أشرف ليلة ميمونة يهفو لسحر جلالها الثَّقلان
هي ليلة القدر السَّني بهاؤها بالروح، والأملاك، والرضوان
وعلى الرسول تنزَّلت آي الهدى فيه، ورفَّ الوحي بالفرقان
وليوم "بدر" فيك آيات بَدَت في نصرة الإسلام للأعيان
زحف البغاةُ المشركون بقضِّهم وقضيضهم في جحفل العُدوان
يبغون غزو محمدٍ في "يثرب" غضبًا لسيدهم "أبي سيفان"
والمسلمون وهم قليلٌ يومها نفروا نفار القَسْور الغضبان
يتسابقون إلى الشَّهادة في الوغى في لهفة الظَّمآن للغُدران
وكتائب الأملاك قاد لواءها "جبريل" قد هَبطَت إلى الميدان
فإذا بجيش المشركين مفزَّعًا ومصرَّعا، قد خَرَّ للأذقان
وفلوله نَكَصَت على أعقابها مذهولة كالهائم الحيران
وإذا "بمكة" كل بيت مأتم ومناحة مشبوبة الأحزان
الله أكبر قد أعزَّ محمدًا وأذلَّ أهل الشِّرك والطغيان
وتتابع النَّصر المبين وصَلْصَلت أجراسُه كالشَّدو في الآذان
واستسلمت للفتح "مكة" وانجلى عنها ظلام الشرك والأوثان
وأُبيدت الأصنام آلهةُ الأُلى ضلَّوا ضلال الصُّم والعميان
ثم انبرى العرب الكُماة "لرودس" فاستسلمت للقادة الفرسان
ولفتح "أندلس" على يد "طارق" نصرٌ، به نلنا أعز مكان
وعلى "التتار" وجنده مجدٌ لنا في "عين جالوت" عظيم الشان
لا بالجيوش يُنال نصرٌ حاسم لكنه بالصبر والإيمان
يا أيها الشهر الذي بلغ المدى في البر والحسنات والإحسان
أهلا بمقدمك الكريم، ومرحبًا بك يا طبيب الروح والأبدان
يا خير سوق للمكارم، والنَّدى والبذل للمحروم، والضِّيفان
فتقربوا لله فيه، بكل ما يرضاه من خير، ومن قربان
وامضوا على سنن الهداية، وارشفوا شهد الحديث، وسَلْسَل القرآن
وابنوا على الأخلاق جيلا صالحا قمنا بحمل رسالة الأوطان
وذروا المطامع في التملك، إنها سبب البلاء، ومبعث الخذلان
فبها غدونا أَعْبدًا لعبيدنا ورهائنا في قبضة الحَدَثان
فمتى تعودوا مثلما كنتم إلى عرش القضاء، وعزَّة السلطان؟
فلطالما سعد الأنام بعهدكم في ظلِّ عدلٍ وارفٍ وأمان
والله أسأل أن يوفَّق قومنا للصالحات قصيَّهم والدَّاني
ويعيد للإسلام سالفَ مجدِه في وحدةٍ مشدودة الأركان
وعلى الطَّريق المستقيم يسوسُنا عدلٌ، يبارك عدله العمران
* * * * * *