فضل الدعاء
الدعاء – لغة –: النداء والاستدعاء، نقول: دعوتُ فلاناً إذا ناديته وصحت به .
واصطلاحاً: طلب الأدنى للفعل من الأعلى على جهة الخضوع والاستكانة. ومن خلال المعنى الاصطلاحي نفهم أن الداعي يكون محتاجا إلى المدعو؛ لأنه الأدنى. ثم يضاف إلى ذلك كونه على نحو الخضوع والاستكانة.
الـدعـاء هـو الـعـبـادة ، وهـو صـلـة بـيـن الـعـبـد وربـه ، ووسـيـلـة لـقـضـاء حـاجـتـكـ فـي الـدنـيـا والآخـرة ، وهـو كـنــز لا يـحـرم مـنـه إلا مـن تـقـاعـس عـن الأخــذ بــه.
قال تعالى
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) وقال تعالى
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ).
وقال صلى الله علية وسلم : الدعاء هو العبادة ، ثم قرأ (وقال ربكم ادعوني استجب لكم ).
وقال صلي الله علية وسلم :أفضل العبادة الدعاء.
وقال صلي الله علية وسلم :ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء .
وقال صلى الله علية وسلم :إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرأُ خائبتين .
وقال ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر الدعاء، قال الله أكثر
وقال صلى الله علية وسلم :لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر.
الصراع بين الدعاء و البلاء:
قال ابن قيَّم الجوزية في كتابه القيم( الداء و الدواء) أو ( الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي):
للدعاء مع البلاء مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء ، فيصاب به العبد ولكن قد يخففه و إن كان ضعيفاً.
الثالث: أن يتقاوما و يمنع كل واحد منهما صاحبه.
وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يغني حذر من قدر. والدعاء ينفع مما نزل و ما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة.
و فيه أيضاً من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدعاء ينفع مما نزل و مما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء.
وفيه أيضاً من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: لايردالقدر إلا الدعاء و لا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
نـمـاذج مـن اسـتـجـابـة الـدعـاء فـي الـقـرآن:
دعـاء نـوح عـلـيـه الـسـلام : "قـال رب إنـي مـغـلـوب فـانـتـصـر فـفـتـحـنـا أبـواب الـسـمـاء..." ودعـاء سـلـيـمـان عـلــيـه الـسـلام "رب هـب لـي مـلـكـاً لا يـنـبـغـي لأحـد مـن بـعـدي.." وانـظـر إلـى قـول سـفـيـان بـن عـيـيـنـة: "لا يـغـرنـكـ أو لا تـخـف ألا يـسـتـجـيـب لـكـ مـا تـعـلـمـه عـن نـفـسـكـ مـن سـوء، فـإنـه قـد اسـتـجـاب لـشـر الـخـلـق إبـلـيـس لـعـنـه الـلـه لـمـا قـال :"رب فـأنـظـرنـي إلـى يـوم يـبـعـثـون قـال فـإنـكـ مـن الـمـنـظـريـن".
شـروط إجـابـة الـدعـوة:
يـسـتـجـاب يـقـيـنـاً إذا تـوافـرت شـروط أربـعـة:
- الـيـقـيـن فـي الإجـابـة: "ادعـوا الـلـه وأنـتـم مـوقـنـون فـي الإجـابـة".
- الـخـشـوع بـيـن يـدي الـلـه والـذل: "اعـلـمـوا أن الـلـه لا يـسـتـجـيـب الـدعـاء مـن قـلـب غـافـل لاه".
- عـدم الاسـتـعـجـال: "يـسـتـجـاب لأحـدكـم مـا لـم يـسـتـعـجـل، يـقـول قـد دعـوت وقـد دعـوت، فـلـم أر يـسـتـجـاب لـي، فـيـتـركـ الـدعـاء"
- أكـل الـحـلال: "أطـب مـطـمـعـكـ تـكـن مـسـتـجـاب الـدعـوة".
حـكـم تـركـ الـدعـاء:
إن مـن صـفـات الـمـسـلـم الـحـق الانـصـيـاع لـمـا أمـر الـلـه بـه، وتـركـ مـا نـهـى الـلـه عــنـه، ولـمـا كـان الـلـه سـبـحـانـه وتعـالـى أمـرنـا بـأن نـدعـوه، وجـب عـلـيـنـا الالــتـزام بـأمـره، وتـركـنـا للـدعـاء يـلـحـق بـنـا الإثـم والـمـعـصـيـة، ويـكـفـيـكـ مـا وصـف الـلـه تـعـالـى بـه مـن تـركـ دعـاءه فـي الآيـة الـكـريـمـة تـأمـلـهتا مـعـي رحـمـكـ الـلـه قـال تـعـالـى: "وقـال ربـكـم ادعـونـي أسـتـجـب لـكـم إن الـذيـن يـسـتـكـبـرون عـن عـبـادتـي سـيـدخـلـون جـهـنـم داخـريـن".
وقـد أمـر الـلـه تـعـالـى بـالـدعـاء، ووصـف مـن لـم يـسـتـجـب لأمـره بـأنـه مـسـتـكـبـر، وهـدد وتـوعـد هـؤلاء الـمـسـتـكـبـريـن بـأنـهـم سـيـدخـلـون جـهـنـم والـعـيـاذ بـالـلـه ، وأيـضـاً قـال رسـول الـلـه صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم : "لا تـعـجـزوا فـي الـدعـاء، فـإنـه لا يـهـلـكـ مـع الـدعـاء أحـد"، وقـال أيـضـاً: "مـن لـم يـسـأل الـلـه يـغـضـب عـلـيـه" فـجـعـل غـضـب الـلـه عـز وجـل مـن نـصـيـب مـن تـركـ الـدعـاء والالـتـجـاء إلـى الـلـه.
حـكـم الـدعـاء فـي الإســلام :
ذهـب جـمـهـور الـعـلـمـاء إلـى أن الـدعـاء واجـب عـلـى كـل مـسـلـم، لـلأدلـة الـتـالـيـة:
قـال الـلـه تـعـالـى : "ومـا خـلـقـت الـجـن والإنـس إلا لـيـعـبـدون"
وقـد ورد فـي تـفـسـيـر هـذه الآيـة أي أن الـلـه خـلـق الـمـخـلـوقـات لـيـعـبـدوه ويـعـرفـوه ويـخـضـعـوا لـه ويـتـذلـلـوا، وجـاء فـي الـحـديـث الـشـريـف عـن الـنـعـمـان بـن بـشـيـر رضـي الـلـه عـنـه عـن الـنـبـي صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم قـال: "الـدعـاء هـو الـعـبـادة"
فـإذا كـان الـدعـاء هـو الـعـبـادة، وغـايـة خـلـق الـجـن والإنـس الـعـبـادة أي " الـدعـاء" كـان لـزامـاً عـلـى كـل مـسـلـم الالـتـجـاء إلـى الـلـه تـعـالـى والـخـضـوع لـه، والـتـذلـل بـالـدعـاء فـي كـل وقـت وحـيـن، لـذا حـري بـنـا أن نـرقـى بـفـهـمـنـا لـمـعـنـى الـدعـاء إلـى مـعـنـاه الأسـمـى، أن تـدعـو الـلـه لا لأنــكـ مـحـتـاج إلـيـه، بـل لأن هـذا الـدعـاء جـزءٌ مـن عـبـوديـتـكـ لـلـه تـعـالـى وعـلـيـه أمـكـن لـنـا أن نـقـسـم الـدعـاء إلـى قـسـمـيـن هـمـا:
الأول: دعـاء احـتـيـاج ومـسـألـة
والـثـانـي: دعـاء عـبـوديـة لـلـه، وهـمـا مـتـلازمــان.